لزوم ما لا يلزم على أرصفة العاصمة

هذا « المقال » كتب في 23 فيفري 1997 ، أيام الدراسة الجامعية،وقد نلت ملاحظة طيبة من أستاذي السيد فهري شلبي(طريف جدا، أحييك على هذه المبادرة)، وقد أعدت كتابته مرة أو مرتين لكن دون أن أغير من متنه كثيرا….فما كتب في 1997 مايزال صالحا إلى 2013 في محتواه… ربما لأننا لا نتغير


حين تمرّ من شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، أو أي مكان آخر، ساعات الذروة أو آخر الأسبوع… انتبه جيّدا وانت تمشي على الرصيف أو تقطع الشارع فقد يعترضك
أحد المارّة 
ويدفعك بمنكبه أو يضربك بكتفه.

وربّما تدوسك إحدى السيدات بكعبها العالي وربّما لطمتك إحدى الأوانس بحقيبتها المنتفخة بهدايا الحبيب.

وفي غفلة منك يندفع أمامك سيل بشري أ تدري من أين جاؤوا.. لعلّهم نزلوا من الحافلة أو المترو… تمهّل وتسمّر في مكانك، فإن الخطوة قد لا تغنيك من الخطر. إن في الوقوف سلامة لك…

وقد تجد نفسك في أحد أنهج العاصمة دون سابق إعلام لاعب كرة قدم تمدّ حرج الكرة بين قدميك أو تنزل على رأسك وكتفيك.. كن تلقائيا وارجع الكرة إلى أصحابها. إننا في بلد يراهن على رياضة الناشئين!!!

نصيحة أخرى وهي أن لا تمرّ أمام المقاهي وقاعات السينما ومحلات بيع المرطبات والوجبات الخفيفة. فالرصيف أمام المقهى يصير مقهى والرصيف أمام السينما صالح للانتظار. وهو أمام محلات بيع الوجبات الخفيفة ملاذ الفقراء الذين لا يتبقى لهم ثمن أو أجرة الوقوف داخل المحل والجلوس على إحدى الموائد.

لم يبق لي ولك من الرصيف إلا النزر القليل. فهل يسع المكان الضيق كل هؤلاء البشر؟؟؟

لذلك نرى بعض الراجلين يسيرون على المعبّد.

ان كنت عزيزي القارئ من أصحاب السيارات. فاليك النصائح التالية : لا تمرّ أصلا من شوارع العاصمة المكتظة. وإذا صادف أن مررت بها قلن هادئ الأعصاب جدا. ولا نتفاجأ إن باغتك أحد المارة وسار أمامك، دعه يمشي، دعه يمرّ (حتى وإن كانت الإشارة الضوئية تمنع المرور)، خيّر لك من أن يتأفف أحدهم وتثير غضبه. فللراجل في طرقاتنا الأولوية المطلقة !!!

وإياك، إياك أن تمر أمام المدارس والمعاهد والكليات أوان خروج تلاميذها وطلبتها.

فإني أنبأك أن هؤلاء يتعلمون كل شيء عدا آداب الطريق.

ستراهم يملؤون الأرصفة ويحتلون مكانك في المعبّد. وستراهم يتسابقون زرافات ووحدانا للحاق بالحافلة « فأرجوك تمهّل إن الحافلة لا تنتظر ».

« الحياة صعبت علينا » وقللت انتباهنا وتركيزنا وأحيانا نمشي في الشارع، على الرصيف ولا نفيق إلا على صوت أحد المارة أو منبّه سيارة أو « ولد حلال » يجذبنا بعنف من أمام المترو الأخضر الخفيف. فلنساعد بعضنا البعض ولنتآزر على تعلم السير واتقان المشي في الطريق العام وقبل كل ذلك لنتعلم آداب الطريق.

لزوم ما لا يلزم عديد بتعدّدنا، فكل سبب ولك متسبّب في مشاكل المرور.

وان رأيت انك غير قادر على اتباع هذا الريجيم القاسي فاتخذ وسائل النقل العمومي لقضاء شؤونك…

ولكن تلك لها لزومياتها أيضا..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الذهب في جربة بين التزيين والتكنيز

بسبب الانتصاب الفوضوي:سوسة…جوهرة خاب بريقها

جزيرة الأحلام في انتظار الحالمين