جزيرة الأحلام في انتظار الحالمين
شواطئ مقفرة وأخرى لا يتجاوز روادها أصابع اليد، تلك هي حال شواطئ أهم وأكبر جزيرة تونسية. إنها جزيرة الأحلام، جربة.في العادة تعج الجزيرة بالسياح بداية من أواخر مارس خاصة إذا كان الطقس دافئا. وهذه السنة ورغم التحسن النسبي للوضع الأمني وتواتر الحملات الدعائية للسياحة، لا يبشر الوضع الميداني بالجزيرة بعودة طبيعية لنسق السياحة.
صمت القصور…
نزل مغلقة وأخرى مهجورة لا حياة فيها وبعضها مغلق وقتيا بسبب أعمال الصيانة والإصلاح استعدادا للفترة الصيفية.السيد سعيد، موظف استقبال بنزل « مرمرة » بجربة يشير بتأزم واضح في نبرات صوته إلى صعوبة الموسم السياحي الحالي، قائلا أن النزل يتسع إلى نحو 300 غرفة وهو حاليا يكاد يؤمن بالكاد 80 غرفة، في حين أن المعدل العادي كان يصل أواخر أفريل وبداية شهر ماي إلى .200 وكان النزل يستنفذ طاقته الايوائية لموسم الذروة جوان –حويلية- اوت مند شهر فيفري. أما الآن فأعلى نسبة هي 250 غرفة في شهر جويلية.
وأضافت زميلته سامية أن هذه الوضعية خطيرة جدا لأنها تؤثر على مستقبل العاملين بالنزل. وهناك 50 موظفا وعاملا مهددون بالتسريح بين الفينة والأخرى وغاليا ما سمعنا في الآونة الأخيرة عن غلق النزل وتسريح عمالها على غرار نزل « بالماريفا » و « سبرينغ تور » و »كاب جربة » وذلك بسبب مواجهتها لعدة مشاكل مادية.
وتقول بعض التقارير عن إغلاق 27 نزلا بمنطقة جربة-جرجيس سنة 2011 من جملة 76.
وأكد اليوم رئيس الجامعة التونسية للنزل محمد بلعجوزة، في فيفري الماضي ، تراجع السوق الفرنسية في السياحة التونسية بنسبة 30 بالمائة بسبب حملة عدد من وسائل الإعلام الفرنسية مؤخرا على تونس وخاصة ما بثه برنامج Envoyé spécial .
غادرنا نزل مرمرة، وتوجهنا إلى نزل « كالميرا ياتي » بالمنطقة السياحية بمديون من جزيرة جربة. وفي بهو النزل التقينا منذر الذي اشتكى من رداءة المنتوج السياحي المقدم بوصفه يحمل شهادة في التنشيط السياحي.كما لمح إلى نقص العملة والأعوان المختصين فهو يشتغل في النهار في المطعم وفي آخر الليل منشطا سياحيا.
وفي نفس المكان، تحدثنا إلى السيد انيس وزوجته وهما متزوجان حديثا قدما من العاصمة للاحتفال بزواجهما ورؤية العائلة. وأكد السيد أنيس أن العقلية في تونس لن تتغير ما دام السائح الأجنبي مبجلا على حساب ابن البلد. وقال « رغم الأزمة التي يعانيها القطاع، لا يزال التونسي يهان في بلده رغم انه يصرف أكثر من الزائر الأجنبي الذي يسافر إلى تونس بأبخس الأثمان ».
وتستدرك زوجته قائلة » رغم التخفيضات المعلنة، تبقى أسعار النزل مرتفعة ولا تتماشى المقدرة الشرائية للمواطن التونسي التي ازدادت تدهورا بعد الثورة ».
الأسواق التقليدية …كساد وفساد
تنتشر محلات بيع الصناعات التقليدية في جربة في كل مكان، في أجيم عند المدخل البحري للجزيرة، في حومة السوق، المركز الإداري ، في المنطقة السياحية بميدون وقي كل مكان تقريبا.
ويقول السيد نورالدين صاحب محل بوسط ميدون « إن السوق ميتة، كما ترون.فارغة.و السياح قليلون فضلا عن انهم من من نوعية رديئة، مفلسة. لقد فقدت السياحة أوجها منذ دخول العملة الأوروبية الموحدة « الاورو » طور التعامل في أواخر التسعينات. كنا نتعامل مع الألمان بصفة خاصة. »
يشاطره زميله عمار الفكرة ويؤكد « إن السياسة هي سبب مصائب الناس. وقد تأزم وضع السياحة من سنة 2001 بعد تفجيرات نييورك. وشهدنا فترات متذبذبة. لكن الطامة الكبرى أتت مع الثورة في آخر 2010 التي قتلت الساحة المحتضرة في جربة، وجعل تونس تدخل في منافسة قوية من المغرب التي استفادت كثيرا من الوضع السياسي في تونس ».
تبدو هذه التفسيرات مقنعة غلى حد ما ولكن واقع الصناعات التقليدية في جربة يشير إلى مسائل جوهرية أخرى تهم كثرة السلع وتشابهها ورداءة المنتوج المقدم وغياب التجديد والبحث كما يطرح السؤال بقوة عن تزايد السلع الصينية المقلدة للمشغولات اليدوية التونسية، عن مسار دخولها تونس وغياب المراقبة.
وكالات الأسفار في عنق الزجاجة…
في ظل تواصل الوضع السياسي غير المستقر بجزيرة الأحلام وتردي الوضع البيئي، تشير السيدة آمنة وهي تعمل بأحد فروع وكالة أسفار عالمية بجربة إلى أن جل مهنيي القطاع يعانون وضعيات مالية صعبة .
وقد هدّدت وكالة أسفار عالميّة بالرّحيل من جزيرة جربة إذا لم ترفع الفضلات خلال الأيّام القادمة.
من ناحيته ناشد السيّد الطّاهر الخياري مدير إحدى وكالات الأسفار التونسية بجربة السلطات المعنية بالتدخل الفوري لحل هذه المعضلة التي تفاقمت في الآونة الأخيرة وباتت تشكل “صداعا” حقيقيا ليس لوكالات الأسفار فقط بل لكل أهالي الجهة.
الحل في العمل …
تسعى وزارة السياحة إلى دعم المساعي الرامية إلى النهوض بقطاع السياحة في تونس.
ومن المنتظر تفتتح في تونس العاصمة في الرابع والعشرين من شهر ابريل الحالي سوق دولية للسياحة بمشاركة 250 عارضاً من تونس والجزائر وليبيا ومصر وتركيا واليونان وافريقيا الجنوبية وأندونيسا والهند، إضافة إلى تشاد ومالي
وفي هذا السياق، أكد وزير السياحة جمل قمرة في تصريح لجردة الخبر الجزائرية في 2 أفريل الجاري أن الوزارة قدمت للحكومة مقترحا لحل المشكل، حيث ستتم دراسة وضع بعض الفنادق والمراكز السياحية لمعرفة مدى قدرتها على المتابعة والعمل، وبالتالي ستقوم بمساعدة بعض الفنادق ماليا وتشجيعها على المواصلة، أو اتخاذ قرار الغلق بالنسبة للميؤوس من وضعها، وقد بلغت نسبة الاستثمار حاليا الـ50 في المائة.
عهدت وزارة السياحة إلى مكتب الدراسات العالمي « رولاند برغر » إنجاز دراسة إستراتيجية لضبط سياسة تطور القطاع السياحي في أفق 2016 .
وقامت هذه الدراسة بتشخيص واقع السياحة التونسية لتحدد الإستراتيجية الواجب اعتمادها لتطوير القطاع إلى أفق 2016، إضافة إلى صياغة برامج العمل الكفيل بتنفيذ هذه الإستراتيجية و رصد ميزانيات وتحديد جداول زمنية لتنفيذها.
وتتركز هذه البرامج حول خمسة محاور رئيسية وهي تنويع العرض وتجديده والترويج والتسويق وتطوير الإطار المؤسساتي وإعادة الهيكلة المالية للقطاع والعبور نحو سياحة تعتمد التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال . وتنقسم هذه المحاور بدورها إلى 20 نشاطا ذا أولوية و 160 إجراء.
وقد قامت وزارة السياحة خلال شهر أوت 2010 بعرض برامج العمل المقترحة على استشارة جهوية موسعة شملت كلّ المتدخلين في القطاع السياحي. وختمت أشغال هذه الإستشارة الجهوية بإجراء إستشارة وطنية.
تعليقات
إرسال تعليق