تونس بين قلق السياسة وتذبذب الاقتصاد

منذ مقتل المعارض شكري بلعيد يوم 6 فيفري الماضي، تمر تونس بأزمة سياسية خانقة أصبحت تهدد أداء الاقتصاد التونسي .
وقد اندلعت الأزمة السياسية إثر اغتيال السياسي المعارض شكري بلعيد وفشل رئيس الوزراء المستقيل في تكوين حكومة كفاءات غير متحزبة.


وكان الرئيس المرزوقي كلف مرشح حركة النهضة علي العريض في 22 فيفري الماضي بتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة حمادي الجبالي ورفض مقترحه لتشكيل حكومة تكنوقراط صرفة للخروج من الأزمة الخانقة في تونس والتي اشتعلت بعد اغتيال القيادي المعارض شكري بلعيد وضمت المفاوضات في البداية ستة أحزاب، لكن انسحب منها ثلاثة لعدم الاتفاق على عدد من النقاط. 

وبعد استقالة الجبالي اضطرت حركة النهضة وتحت ضغط المعارضة ومنظمات المجتمع المدني الى التخلي عن الوزارات السيادية التي كانت تهيمن عليها في الحكومة المستقيلة بعد استماتة في الدفاع عن حقها الشرعي في تسيير البلاد والسيطرة على وزارات السيادة.

ومن المتوقع أن يعرض علي العريض مرشح حركة النهضة الإسلامية لرئاسة الائتلاف الحكومي الجديد خلفا لحكومة حمادي الجبالي المستقيلة، حكومته يوم الثلاثاء 12 مارس الجاري على المجلس التأسيسي للتصويت عليها ومنحها الثقة. 
وفي حال فشل حكومة علي العريض في الفوز بثقة المجلس التأسيسي فإن رئيس الجمهورية يكلف مرشحا آخر لتشكيل حكومة جديدة. 

ويبدو أن عجز الحكومة السابقة عن الاستجابة لمطالب التونسيين الملحة في التشغيل ومكافحة الفساد وغلاء المعيشة واستتباب الأمن هي أسباب تراجع أدائها وفشلها مما أدى إلى تراجع حركة النهضة كما لم تستفد بقية أحزاب المعارضة من هذا التراجع إذ فقد التونسيون الثقة في النهضة لكنهم لم يجدوا في الوقت نفسه بديلا (سياسيا) آخر.
وبين هذا وذاك يعيش المواطن التونسي البسيط في حالة انتظار طالت كثيرا وأضرت بمصالحه الحياتية مع تواصل النسق الجنوني لارتفاع الأسعار وكان آخرها الزيادة في أسعار البنزين بنسبة 6.8% بهدف خفض العجز في الميزانية المتوقع أن يكون في حدود 6%.

وتعد هذه ثاني زيادة تقرها الحكومة التي تقودها حركة النهضة في الأشهر الستة الأخيرة، وكانت الزيادة السابقة في سبتمبر 2012.

وقد أثر الوضع السياسي الضبابي على أداء الاقتصاد التونسي وموقعه على الساحة الدولية، حيث خفضت مؤخرا وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف الدين السيادي لتونس درجة واحدة ليصبح بمستوى (BA1) بدلا من (BAA3) وهو ما يعني تصنيف الاستثمارات ضمن درجة المضاربة بعد أن كان يصنف ضمن الدرجة متوسطة الخطورة.

وعزت الوكالة الدولية تخفيض التصنيف إلى زيادة المخاطر السياسية في البلاد. وتوقعت زيادة الدين العام ليصل إلى 49% من إجمالي الناتج المحلي خلال هذا العام، بعد أن وصل 40.8% عام 2010.

وقالت وكالة التصنيف "وبشكل خاص، الفشل في تشكيل حكومة تكنوقراط لتسريع الانتقال الديمقراطي للبلاد كما اقترحته الحكومة المنقضية ولايتها في البلاد، يسلط الضوء على الانقسامات العميقة في صلب الائتلاف الحكم".
ويبدو أن الحل الوحيد الذي ستلتجئ إليه تونس يبقى صندوق النقد الدولي الذي أعلن انه سيواصل التفاوض مع تونس حول "خطة مساعدة وقائية" بقيمة 78،1 مليار دولار، بعدما يتم تشكيل الحكومة المقبلة في البلاد.

وبحسب الصندوق فان الهدف من تقديم هذا القرض هو مساعدة تونس خلال "المرحلة الانتقالية" التي تمر بها البلاد منذ الاطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، واعانتها على مواجهة "الصدمات (الاقتصادية) الخارجية التي تطرحها الأوضاع الدولية".

ويشكل "القرض الوقائي" من صندوق النقد الدولي في الوقت الراهن خطرا جسيما على الاقتصاد التونسي ويحاول صندوق النقد الدولي فرض برنامج إصلاح هيكلي "خطير" على الاقتصاد التونسي يقضي بإلغاء صندوق الدعم في ظرف 3 سنوات والترفيع في الضغط الجبائي إضافة إلى مراجعة صناديق الجراية وصناديق التغطية الاجتماعية وهو ما من شأنه أن يضر بالقدرة الشرائية للمواطن التونسي التي تدهورت بشكل لافت خلال الأشهر الماضية.

جميلة العباسي- ماجستير اعلام الكتروني



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الذهب في جربة بين التزيين والتكنيز

بسبب الانتصاب الفوضوي:سوسة…جوهرة خاب بريقها

جزيرة الأحلام في انتظار الحالمين